لقاءات

الإعدادية النظامية في بغداد .. اسمٌ على مسمى

 

بغداد ـ مريم باسل/ بغداد

تقع الإعدادية النظامية العريقة التي لا يقاس عمرها بالسنين فقط، في منطقة "حي الوحدة" شارع (52) أو ما يعرف بشارع الجوازات. تشغل المدرسة مساحة واسعة حيث تضم عددا كبيرا من الصفوف وساحة فسيحة ومسرحا جديدا يتسع لأكثر من مائة شخص، بالإضافة إلى أنها تتمتع الان بموقع متقدم بالنسبة للمدارس الاخرى كونها تضم مختلف الطبقات الاجتماعية وطلابا بمختلف المستويات وأيضا تتمتع بعدد من المدرسين الأكفاء.
حين تتجول بين صفوفها تجد تاريخاً عريقا، فهي لعبت دورا كمثيلاتها في تهيئة وتخرج أجيال ساهمت ومازالت تساهم في الارتقاء بمكانة عراقنا الحبيب، ولتسليط الضوء عليها، كان لنا هذا اللقاء مع مديرها الاستاذ "عادل عبد الحسين" فسألناه:

• بدءا حدثنا عن تاريخك كمدرس اولا، وكمدير ثانيا.

ـ بدأت التدريس في هذه المدرسة عندما نقلت اليها عام 1999 من اعدادية النجاح في الزعفرانية، فخلال وجودي في التعليم تعرضت للاضطهاد من قبل النظام السابق حيث أبعدت عن التعليم لمدة خمس سنوات ونقلت في عام 1985 إلى معمل حدادة لعدم انتمائي الى حزب البعث المقبور.

بقيت محافظا على الثوابت الأساسية في مهنتي

وأضاف:

ـ أعدت إلى العمل التدريسي عام 1990 ورغم هذه الظروف استمريت في التعليم حتى عام 1999 حيث نقلت الى الاعدادية النظامية لمستواي المتميز في تلك الفترة.

خلال وجودي في الاعدادية النظامية كمدرس مارست دوري كمرب، وراعيت مصلحة الطلاب ومصلحة المدرسة، على الرغم من سلبيات النظام السابق والقسوة التي كانت تفرض علينا كمدرسين ومن حيث الحصار الاقتصادي ومن حيث المكانة الاجتماعية للمعلم التي تدهورت في السنوات الأخيرة من عمر النظام المقبور، إلا أني بقيت محافظا على الثوابت الاساسية في مهنتي فاحترمتها لما تمتلكها من قدسية، وكان لي الشرف ان اكون من الثابتين على هذا النهج بعد أن انحرف الكثيرون عن مبادئ العملية التربوية وقيمها النبيلة.

بعد السقوط مباشرة وبعد احالة المدير السابق الاستاذ "سعدون جواد" على التقاعد والذي كان يمتلك الكفاءة والنزاهة والقدرة على ادارة المدرسة، فبسبب تجاوزه السن القانوني أصبحت أنا مديرا للإعدادية النظامية، وبقيت مستمرا بنفس الثوابت ونفس النهج بل بهمة اكبر، فما أريده شخصيا هو ان أعوض كل ما فاتني في السنين الصامتة لخدمة أبنائي الطلبة، ولذلك بذلت جهودا مضاعفة من اجل انجاح العملية التربوية وفق ثوابتها الاساسية من حيث الضبط والنظام والالتزام بالاخلاق والقيم، وكنت من رافعي شعار (المواطنة العراقية) داخل المدرسة، لما تمتلكه من خصوصية الطيف الملون الذي يميز طلاب هذه المدرسة، فمنهم المسلم والمسيحي والصابئي والايزيدي والعربي والكردي، هذه الخصوصية انسجمت مع ما امتلكه من أفكار، ورفعت مع زملائي المدرسين وابنائي الطلبة شعار (المواطنة) بعيدا عن الطائفية، وكنت في كل التوجيهات اؤكد ذلك.

مازلنا ننظم وقفة صباحية كل يوم

ويتابع:

ـ مدرستنا من المدارس التي تنظم وقفة صباحية كل يوم، ولمدة عشر دقائق في ساحة المدرسة، يستمع الطلاب خلالها لبعض التوجيهات.

ففي فترة العنف الطائفي الذي تزايد خلال عامي 2006 و2007 بذلنا جهودا كبيرة من اجل ان نحدّ من انتشار وبائه بين الطلاب، فقد كان لنا الفخر ان مدرستنا لم تنقطع يوما واحدا في تلك الأيام، والآن نأمل ان نحقق النجاح للعراق من هذا المكان، ونتمنى ان يتكلل ارث المدرسة برعاية متميزة، ومازلنا نعتقد ان الكثير يجب ان يقدم لهذه المدرسة.

• تزامنا مع بداية العام الدراسي الجديد، وتزايد الشكوى حول نوعية الكتب والمستلزمات "السيئة" المقدمة للطلاب، كيف واجهت مدرستكم هذا النقص او الضعف؟

ـ مدرستنا استلمت كافة المسلزمات الدراسية في وقت مبكر، لذا قمنا بتوزيع قسم منها في العطلة الصيفية، والقسم الآخر وزع مع يدء الدوام، وحسب النسب المقررة، وبجداول معدّة من مديرية التربية، أما الكتب فجميعها حديثة وبطبعات جديدة.

• التدريس الخصوصي أصبح مشكلة شائكة، فمن سنين طويلة نعاني منها، ومازلنا حتى اليوم نناشد للحد منها، ماهي الإجراءات التي اتخذتموها لمنع مدرسيكم من ممارسته او منع الطلاب من التوسط لتلقي تلك الدروس؟

ـ التدريس الخصوصي ظاهرة تؤذي العملية التربوية باجمعها، وتتنافى مع قيمها، فقد قمنا بعدد من الخطوات للحد من هذه الظاهرة التي هي مستشرية منذ زمن النظام السابق وتزايدت في السنوات الأخيرة، ففي كل تجمع صباحي نوجه الطلاب ونحذرهم من التدريس الخصوصي ونناشد المدرسين للابتعاد عن هذه الظاهرة كونها تسيء الى كرامة المدرس، وجدنا تجاوبا من اغلب المدرسين، وأخذنا تعهدات خطية من قسم منهم، حتى إننا نجد عوائل الطلاب يسلكون كل السبل للوصول الى المدرس والسعي لنجاح ابنائهم سواء كانت بطرق شرعية ام غير شرعية، ولا يمكننا ان نلوم المدرس وحده فعائلة الطالب تتحمل جزءا من هذا، ونحن بدورنا في اجتماعات مجالس الآباء والمدرسين التي تعقد مرتين في العام نناشد للابتعاد عن هذه الظاهرة.

• عرفت المدرسة دوما بكفاءة كادرها التدريسي حسب النتائج المتقدمة التي تخرج بها المدرسة في نهاية كل عام، هل حافظت المدرسة على تلك الكفاءات كون هذا الكادر هو امتداد لعمالقة العلم؟

ـ كادرنا التدريسي مازال محافظا على نهجه، لكننا للاسف فقدنا بعضهم بسبب تجاوز الفترة العمرية وتمت إحالتهم على التقاعد، لكننا عوضنا هذا الفراغ بالكادر الشاب الذي بالرغم من ان مستواه ليس كمستوى من كان قبلهم، فنحن ملزمون في تهيئتهم لتعويض هذا النقص وبناء جيل يتسم بالنزاهة كوننا نستقبل الآلاف من الطلاب في بداية كل عام، ونقبل المئات، وصفوفنا الآن تضم 60 طالبا على الأقل في كل شعبة، وهذا عدد ليس بالقليل، نحن نفتخر بهذا الإقبال لكنه أيضا يشكل عبئا من ناحية أخرى.

• كونكم تستقبلون هذا العدد الهائل بما يدل على المستوى العالي الذي وصلت له المدرسة، لم لا تقترحون مشروعا لتوسيع المدرسة وتهيئتها لاستقبال كافة المتقدمين؟

ـ من خلالكم، أوجه الدعوة الى المسؤولين لايلاء الاهتمام بهذه المدرسة، كوننا نحوز في كل سنة نتائج عالية ضمن رقعة (تربية الرصافة الثانية) بعد مدرسة المتميزين وكلية بغداد وهذه المدارس تتمتع بخصوصية في القبول، فمن يتقدم اليها يجب ان يكون معدله السنوي عاليا ويخضع لاختبار خاص، أما مدرستنا فهي تضم مختلف الاتجاهات والمستويات الاجتماعية والطبقية، ومع هذا تكون هي المدرسة المتفوقة الثالثة.

بعد هذه الدردشة المجدية مع السيد المدير، التقينا الأستاذ "حسن احمد نصيف" مدرس مادة الفيزياء في هذه الإعدادية المتميزة فسألناه عما قدموه حتى تنهال كتب الشكر والامتنان على المدرسة في الصحف البغدادية؟

فأجابنا:

ـ المدرسة عريقة بتاريخها وبطلابها ومدرسيها وكادرها، وبدأت سمعتها تتألق من خلال النتائج السنوية الباهرة لطلابها، ففي كل سنة نرفد الجامعات العراقية والجامعات الاخرى خارج البلد بطلاب لكليات الطب والهندسة والكليات الأخرى، وهذا فخر للمدرسة وكادرها، وثمرة جهود المدير والمعاونين والأساتذة.
وما يميز مدرستنا عن المدارس الاخرى في البلد الالتزام بالنظام والدوام والاندفاع الحقيقي للمدرسين أمام الطلاب واثبات كفاءتهم، وتحفيز الطلاب لان يكونوا اكثر جدية والتزاما وعطاء من اجل رفع المستوى العلمي والحفاظ على سمعة المدرسة وتطوير العملية التربوية.

أما الأستاذ "علي الساعدي" مدرس مادة اللغة الانكليزية في الإعدادية فتحدث عن المدرسة والتدريس والطلاب قائلا:

ـ نحن معروفون بالالتزام من حيث النظام في الدوام وتحقيق النتائج العالية رغم تأجيل عدد كبير من الطلاب للامتحانات لكي يحصلوا على درجات جيدة جدا وتذليلهم للعقبات رغم ظروف البلد الأمنية والازدحامات، بالإضافة الى التزام المدرسين والنتائج الجيدة لهذه السنة أيضا بالرغم من كل الصعوبات.

وعند سؤال الطالب "مجد طلال" عن المدرسة، ونوعية التدريس فيها، وهل تغني عن الدروس الخصوصية، وعن توفير المستلزمات المطلوبة من كتب ودفاتر وقرطاسية، قال:

ـ الطلاب وخاصة من هم في مرحلة السادس الاعدادي وانا منهم، جميعنا نستعين بالمدرسين الخصوصيين رغم الجهد الذي يبذله بعض المدرسين في ايصال وايضاح المادة للطلاب، لكن الرغبة في ضمان التفوق وتحقيق الدرجات العالية في الامتحانات النهائية تدفعنا للاستعانة بالمدرسين الخصوصيين، أما المستلزمات فقد تم توفير الكتب الجديدة لنا والدفاتر والقرطاسية واستلمناها كاملة.

كما أشاد الطالب "مجد" بالضبط الجيد للإدارة والمعاونين مع الطلاب والتدقيق والتشديد على الالتزام بالدوام.

بدورنا تمنينا لكادر النظامية الاعدادية المزيد من الازدهار، كونها تهيئ وتبني أجيالا يتكئ عليها عراقنا، وأبناء مهيئين ليكونوا اطباء ومهندسين وفنانين وسياسيين وحقوقيين وعلماء حتى، السلسلة لم تنته، ونأمل ان نجد كادرا آخر ومدرسة أخرى تتفوق وتزدهر وتقدم وتعلم.

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com