لقاءات

الشاعر الرحال بدل رفو المزوري .. عشق وشعر ورحلات بين الامم

 

حوار اجراه:جمال برواري

دهوك\ كوردستان العراق

(أراه كالسندباد في مشيته، وكالباز في طيرانه بعقله فوق الحدود المرسومة من قبل البشر. أراه منسيا في وطنه لأنه يأبى نسيان الوطن في قلبه وذاكرته، حتى لا يكون تُرسا في آلة بيد الآخرين، يتحكمون في فكره وأدبه. فالأديب يجب أن يكون حرا، والأدب بحاجة إلى الحرية، لذلك ينبغي أن لا يكون عبدا أو مُقَيدا بأغلال أحد، أياً كان. فهل اختار المنفى في الغربة المُرة مثلي، وأنا الذي أبحث عن هوية وطني الضائعة مثله، فلا أجدها إلاّ في البعد البعيد عن الوطن، كما قال ديغول في فترة الاحتلال النازي لوطنه: إذا أردت أن تعرف الحقيقة عن وطنك فسافر بعيدا عنه.

هذا المزوري الذي يحمل حقيبته الصغيرة ويرحل بكلماته في ذاكرته. حقيبة ثقيلة بالثقافة، ومحفظة خفيفة لا تحمل إلا بضعة أوراق نقدية بعيدا عن الرائحة الكريهة التي تتصاعد من مخازن دولارات عتيقة بين الرطوبة.) هذا ما كتبه الأستاذ (د .خالد يونس خالد)  أستاذ الآداب العربية ومترجم للوثائق والكتب في المركز الرئيسي للترجمة التحريرية  في ستوكهولم حول أديبنا بدل رفو المزوري.لقد كتب الكثير من الأدباء والنقاد حول هذا الشاعر والمترجم الذي تعود صداقتي معه حين كان طالباً في جامعة بغداد وهو يتردد على الإذاعة الكردية وجمعية الثقافة الكردية والصحف الكردية وفي دهوك وأنا احمل لهذا الرجل الأديب مجموعة كتب من أستاذه وصديقه الناقد حسب الله يحيى وبدوره أعطاني نسخة من كتابه الذي صدر حديثاً قصائد حب نمساوية كي أوصلها للأستاذ حسب الله ورايتها بأنها فرصة جميلة بان التقي بالشاعر بدل رفو والذي يعد بدوره احد كتاب جريدة  التآخي الغراء وفي بيته الشاعري الجميل كان هذا الحوار:

 

ـ ماذا يعني السفر لأديب كوردي معاصر والرحيل بالوطن والكلمة إلى بلاد لم تسمع باسم الكرد؟

ـ الرحلات تعني لي الحياة والتجديد والتغيير ،رحلات برفقة الأدب الكردي ووطن عشقته واحمله معي في ترحالي كي اعرفه على أوطان  ومن امازيغستان حتى كازاخستان لا وطن لي سوى آفيفان كما قالها الشاعر الكبير (جلال زنكابادي)،احمل في رحلاتي حبي وصورة حبيبتي وحقيقتي وحقيقة وطني الذي  يبحث عن التعايش السلمي مع الآخر،ففي سفراتي ورحلاتي لا احمل سوى حقيبتي الظهرية وأوراق نقدية قليلة من جهدي وبتكليف من ضميري وجواز سفر ممتلئ بتأشيرات دخول  ومعها روحي المهاجرة عبر محطات الغربة ..رحلة بدأت حين أنهيت دراستي الثانوية في مدينة الموصل  وضاقت بي ارض الموصل التي أحببتها ومازلت ملهماً بها  وروحي التي تبحث عن الأدب والترجمة في العاصمة  واتجهت صوبها  لأكمل دراستي في جامعة بغداد ،بعد أن تحول الوطن إلى سجن كبير  وملئ بالحروب  البشعة ،ومنذ اليوم الأول من إحساسي بالأدب ،عشق قلمي الملهم به قضية شعبي ومآسيه ..ففي رحلاتي قصص وحكايات  ستدون يوماً في كتاب تحت عنوان من أدب  رحلات شاعر كردي رحال. وطن وشعب وأدب إنساني وقلم عاشق نسافر معاً عبر المحيطات والبحار ،ففي المغرب وبالأخص في إقليم تازة صفق الشعب المغربي الطيب جداً كثيراً للشعر الكردي  ووقف احتراماً لهذا الشعب  وكادت الدموع ان تنهمر من مقلتي ...التقيت شخصيات كثيرة حملت كل الحب والاحترام لشعبي ..إذن الرحلة مستمرة.

 

ـ متى كانت البداية للأديب بدل رفو ومن أين انطلقت؟

ـ البداية تعود لعام 1977 وانطلقت من أزقة  الموصل القديمة وبالأخص من حي (المشاهدة)والذي أكن له بالفضل على نتاجي الأدبي والصحفي  وقد ذكرت الموصل في أعمالي بأنها أحلى مدن التاريخ

وبالذات في ديواني الصادر في القاهرة عام 2009 (وطن اسمه آفيفان) ،لهذه المدينة العريقة والتي كانت يوماً ما عاصمة للإمبراطورية الآشورية  أثر ووقع على النفس  ومن يقطن هذه المدينة فمن الصعب نسيانها وفيها تعلمت العشق للكلمة الكردية والأدب الكردي الإنساني.

 

ـ منذ 3 عقود وأنت نقطة التقاء بين الشعر الكردي ولغات العالم فهل حققت ما كنت تصبو إليه في مجال الترجمة والمجالات الأخرى؟

ـ أجل منذ 3 عقود وأنا أترجم الشعر الكردي وانطلقت من أروقة كلية الآداب وبتشجيع كبير من أساتذتي وبالأخص من د.ضياء نافع و د. جليل كمال الدين ولا أنسى أبدا الدور الكبير لأستاذتي والصداقة الرائعة التي كانت تربطني بها الرائعة الراحلة د. حياة شرارة  و د. صلاح خالص وانطلقت من مجلة الثقافة وفيها نشرت الشعر الكردي المترجم وربطتني صداقات منذ ذلك الوقت بأدباء طيبين ومنهم جلال زنكابادي والشاعرة الصديقة رسمية محيبس زاير وآخرون وقتها ترجمت قصائد الشعراء الكرد في الصحف والمجلات الكردية ومنها الأقلام ،الطليعة الأدبية ،العراق،كاروان ،الأديب الكردي، ولكني في السنوات الأخيرة تمكنت بان احلق بالشعر الكردي وعبر الوسائل المتاحة لي من خلال الانترنت والسفر أن انشر لشعراء بلادي في موسوعات عالمية ومجلات وصحف عربية ومنها الزمان اللندنية والعرب اللندنية والدستور الأردنية،صدى المهجر الأمريكية،الجوبة السعودية، ماعدا صحف العراق ومنها التآخي والاتحاد ،المنارة ،الصباح الجديد،آفاق سبيريز،الصوت الآخر ،طريق الشعب ، وكذلك في الكثير من مواقع شبكة الانترنت وأيضا في برامج إذاعية ألمانية في النمسا  وقد صارت ترجماتي حول الشعر الكردي مصدرا مهماً لعشاق الأدب الكردي ليس في العراق بل تعدت إلى الدول العربية أيضا.

 

ـ يعد  بدل رفو وكما وصفه الكثيرون بسفير كردستان الثقافي والسند باد  الكردي  وتم تكريمه في المغرب وكازاخستان وعدة مرات في النمسا  فهل يتلقى بدل رفو حرارة التهنئة والاستقبال الحار في وطنه الأم؟

 ـ للأسف كما قالها  العرب ( مطربة الحي لا تطرب) فالدول الغربية تقدر  أصحاب الكفاءات والطاقات وتحتضنهم وتغدو لهم وطناً وتصبح أهلا لهم  وتهتم بهم  وتشتري هذه الطاقات وبالنسبة لنا فنحن نبيع هذه الطاقات والإمكانيات  ولا نصبح أهلا لها  فحين يقدم أديب أجنبي إلى هذه الديار  وبالرغم من انه لا يملك نصف إمكانياتنا ونحن في بلادهم تقوم الدنيا ولا تقعد بهذا الأديب   ونعد نحن المغتربين من المنسيين في سجل الوطن وحتى أن احد الكتاب زعل كثيرا حين سمتني الصحافة  بالسندباد الكردي وسفير الثقافة الكردية وهو لا يعلم باني سفير (مجاني).

 

ـ أين يجد بدل رفو ذاته إن بحث عنها،في الشعر أم الترجمة أم السفر أم الصحافة؟

أجد ذاتي في أدب جميل ونقي  غير مبتذل  وبعيد عن المهاترات ،في أدب يسجل تاريخاً لوطني وشعبي في سجلات الأدب الإنساني ،أرى ذاتي في الصحافة حين انقل صورة وطني وشعبي الجميلة إلى الآخر وانقل صورة أمينة جميلة كذلك للآخر واحملها لشعبي .

 

ـ هل لك أن تحدثنا عن أعمالك المطبوعة  وعن مشاريعك المستقبلية؟

 ـ صدرت لي لحد 8 كتب وتوزعت بين الشعر والترجمة وصدرت في سوريا ومصر وبغداد ودهوك والسليمانية  حول الشعر والترجمة عن الكردية والألمانية  وقد ساعدتني دولة النمسا على طبع أعمالي الأخيرة على نفقة النمسا  وقد شكرني ارفع مسؤول في الإقليم الذي أعيش فيه في النمسا  والصحافة النمساوية على نشر أدبهم للشرق  لي مشاريع مستقبلية حول أدب الرحلات والترجمات والشعر والقافلة مستمرة.

 

ـ كيف ترى أدب الشباب بعد استضافتك جمعية الشعراء الكرد الشباب في أمسية للحديث عن تجربتك؟

ـ لقد كانت فرصة رائعة وتمتعت كثيراً في هذه الأمسية التي استعدت فيها طاقتي الشبابية والحنين إلى أيام من سفر الحياة..رأيت حماساً شديداَ من الشباب واستمتعت إلى نصوصهم الشعرية بعد الانتهاء من أمسيتي  وقد انضم عدد من الشعراء القدامى أي الجيل السابق إليهم   فقد كانت نصوصهم تمجد الوطن والحب والإنسان الكردي النظيف وأدبهم لم يكن مبتذلا بقدر ما كان أدبا إنسانيا  وحبهم الكبير للوطن وهم العمود الفقري ومستقبل الوطن.ووعدتهم بترجمة نصوصهم التي تبرز صورة جميلة وإضافة إلى مشواري في ترجمة الأدب الإنساني.

 

ـ هل من كلمة أخيرة تود أن تضيفها للقائنا هذا؟

أشكركم من القلب على زيارتكم والبحث عني وسط تراكمات الحياة الصعبة وزحمة اللحظات  وأدعو كل الأدباء الكرد بأن نكون سنداً لبعضنا في إبراز صورة أدبنا الجميل ونطبعه على جبين الأدب الإنساني  ومرة أخرى شكرا لكم.

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com