لقاءات

النساء المهجرات .. حاضر أليم ومستقبل مجهول

 حسين الفنهراوي

- إمرأة باعت مبردة جديدة بعشرة آلاف دينار لتأكل

- زوج أكرم الحرس الوطني خبزا فدفع حياته ثمنا لذلك

- إمرأة مهجرة: التهجير حوّل زوجي من ملاك لعدد كبير من المزارع الى عامل بناء

 

عانت المرأة العراقية ما عانت منذ قيام الدولة العراقية الى يومنا هذا معاناة كبيرة بدأتها بالظلم الأجتماعي والتخلف والجهل والهيمنة الذكورية والغصب على الزواج والنهوة والفصلية الى معاناتها في فقدان الأزواج والآباء والأبناء والأخوان في الحروب الى معاناتها مع الجوع والمرض والعوز المادي في حصار التسعينيات من القرن الماضي  وبعد سقوط النظام كانت المرأة العراقية كما الرجل تحلم بأنتهاء المعاناة وعدم العودة للأحزان ثانية.. ولكنها دخلت في مأساة جديدة وأحزان بوجه جديد أنها مأساة الأرهاب والقتل والتهجير القسري وحوادث الأغتيالات التي طالت ما طالت من العراقيين وخاصة الرجال ليتركون ما يتركون من الأرامل والأيتام لتتكفل بمعيشتهم ومعاناتهم الأرامل التي تركها الأرهاب للأحزان والمأساة وعاد فقد الزوج والاب والاخ والابن من جديد يتبعه التهجير أضافة الى معاناة أنتظارهم حين يخرجون الى العمل أو الى سفر وتبقى المرأة تعيش معاناة الأنتظار الى أن يعودوا الى البيت لتصبح مع مأساة جديدة في اليوم التالي .

والتهجير القسري أشد آلام المرأة ومعاناتها في هذه المرحلة حيث الأنتقال الى مكان جديد رغم أنه أكثر أمنا لكن سوء الخدمات وعدم وجود اهتمام من قبل المسؤولين ونقل معاناتهم والتقليل منها من قبل الحكومة اضافة الى عدم وجود المعيل خاصة بين العوائل التي فقدت أبنائها أو آبائها بسبب العمليات الأرهابية. فكانت لنا وقفة مع المرأة المهجرة ومعاناتها حيث تقول الأنسة أنصاف جاسم التي تسكن في حي المهندسين وهي من محافظة ديالى “التجربة المريرة التي نمر بها الآن جعلتني وجها لوجه مع تحمل المسؤولية والمعاناة لأول مرة في حياتي بعد أن فقدت أخي وأبي في عمليات أرهابية والتهديد بالقتل من قبل الجماعات المسلحة الطائفية جعلتني أصطحب أخي الصغير ووالدتي وزوجة أخي وأولاده  لنأتي الى مدينة الحلة لتبدأ مأساتنا هنا مع المؤجر الذي لايملك أدنى شيء من الرحمة أضافة الى مرض والدتي والأصرار على عودتها للموت هناك كما تريد في منطقتنا وفعلا بقيت هناك مدة ليست بالقصيرة قبل أن أعيدها الى الحلة حيث وجدتها قد باعت مبردة جديدة بمبلغ عشرة الاف دينار من أجل شراء طعام لها وحاجيات أخرى ثمينه بمبالغ زهيدة عندما لم تجد مالاً لشراء الطعام اضافة الى أنني لم أستلم راتبي في الدائرة منذ خمسة أشهر أضافة الى عدم أستطاعتنا جلب حاجيات البيت التي يمكننا استخدامها في حياتنا اليومية.

مهجرة أخرى السيدة برتقالة عباس أم علي قالت”منذ سنتين هجرت عائلتنا من ابو غريب بعد أن تم تهديدنا من قبل جماعات مسلحة عن طريق وضع ورقة رسم في أعلاها صورة بندقية وأمهلونا 48 ساعة للرحيل من المنطقة حيث كنا نسكن في منطقة زراعية وتركنا مزارعنا هناك ونحن أكثر من عشرة عوائل نعيش معا ولكن التهجير فرقنا وكل عائلة أصبحت في مكان فمنهم من سكن في كربلاء واخرون سكنوا في النجف والكوفة ونحن جئنا الى هذا المكان “ واردفت”بقينا هنا نسكن مع زوجي وابنتي وابني الصغير وزوجي يعمل عاملا في البناء رغم كبر سنه فبعد أن كان ملاك وصاحب اراضي أصبح لايملك سوى هذه السيارة التي لايملك مالا لتصليحها ويعمل في البناء رغم كبر سنه ويحصل على العمل بصعوبة”فيما قالت أبنتها التي تسكن في مكان قريب”رغم أن حياتنا صعبة لكنها مليئة بالتفاؤل ورغم سكننا في غرفة من البلوك ومسقفة بالحديد (الجينكو) ووجود 12 فرد فيها ولم يفكر أي مسؤول بزيارتنا سوى بعض المنظمات جزاها الله خيرا “ وعن معاناتها قالت “اهم معاناتنا هنا هي بعد مصدر المياه وعدم وصول الكهرباء إضافة الى اننا لم نجلب حاجاتنا التي نحتاجها في حياتنا اليومية وعدم وجود عمل لزوجي وأقول صراحة اننا نعيش بالقدرة”

معاناة أخرى قرأناها في عيون زينب تركي ذات الـ 17 ربيعا قبل أن نسمعها منها حيث تقول وعيونها تبللت بالدموع”فقدت زوجي بعد مرور شهرين على زواجي منه وتركني حاملا بأبنه الذي كان يحلم برؤيته حيث خطفه مسلحون من البيت بعد أن علموا أنه في عصر ذلك اليوم أكرم نقطة الحرس الوطني القريبة من دارنا قليلا من الخبز حيث هاجمونا مجموعة مسلحة ترتدي الملابس السوداء وملثمين وأقتادوه من بيننا ومنذ ذلك اليوم ونحن نبحث عنه في مجمدات الطب العدلي ولم نجد له أثرا الى الان وتركني دون معيل وانا أسكن مع أهلي الذين هجروا أيضا ورغم معاناتنا وعدم الأهتمام بنا من قبل المسؤولين الا ان اهل الخير قدموا لنا بعض المساعدات المادية والعينية وحصولنا على بعض المساعدات من المنظمات وبمساعدة دائرة الهجرة “ وطالبت الحكومة بوضع حد لمعاناة المهجرين حيث ذكرت انها تنتظر اكثر من ساعة للحصول على الماء بسبب الزحام على مصدر واحد للحصول على ماء صالح للشرب .

أمرأة أخرى عانت الأمرين بسبب التهجير حيث تقول ام رانية وهي من بغداد “تركنا دارنا بسبب الوضع الامني والتهديد المستمر لعائلتنا وحاول زوجي الكاسب ان يجد دارا مناسبة يمكن ان ندفع ايجارها ولكنه فشل فقام بالتجاوز على ارض تابعة للبلدية حيث لم يكن في اليد حيلة“ وأضافت بحزن والم شديدين”لم نستطع انا وزوجي واطفالنا ان ننقل اثاث بيتنا وبقينا نعاني من نقص الافرشة وحاجات البيت الاخرى ولم نجلب سوى الملابس القليلة فقط وحسب ماقالت باللغة العامية (شردنه بجلودنه) ونعيش هنا أوضاعاً سيئة جدا بدون ماء ولا كهرباء ولاخدمات إضافة الى تهديد البلدية الدائم لنا بالمطالبة بإخلاء الدار باعتبارنا متجاوزين على هذه القطعة التي لا تتجاوز الـ 100 متر.. ولكن زوجها السيد علي حسين ابو رانية قال نحن لا نطالب الحكومة أن تهتم بنا وتساعدنا فحسب بل نطالب ان تهتم بكل العراقيين وبجميع أطيافهم لأن جميعهم يعانون نفس المعاناة من الأهمال والقهر.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com