تحقيقات

الأمن والمجتمع يحاصران المرأة العراقية حتى عند اختيارها الألوان

 

أب متحرر يقبل أن ترتدي ابنته ما تحب من ملابس والوان ولكن المشكلة في أولاد خالها

طالبة جامعية تفرغ شحنات الرغبة بأرتداء الألوان عبر المكتبات ومحلات القرطاسية

معلمة: ما لذة أن اشتري فستان او (تنورة) أو (قميص) ذو لون رائع ولا استطيع ارتدائه؟!

زينب الشمري / بنت الرافدين

للألوان دور كبير في اظهار الشخصية وابرازها بالشكل اللائق بها وهي تجلب السعادة النفسية والراحة البدنية للإنسان بالاضافة الى ان لها دوراً رئيسياً في ابراز المزاج والسلوك لديه ولها تأثير مباشر على اثارة العواطف الإنسانية وايقاض الحس البديعي للإنسان العادي ايضاً وليس الفنان فقط كما يقولون .. وقد اظهرت الدراسات التي نشرت مؤخراً أن التغيير الذي يؤثر على المزاج يحدث بسبب الألوان المحيطة بنا.. ففي خضم الأوضاع التي يعيشها المواطن العراقي والهموم والآحزان التي يتصارع معها يومياً والتي جعلته مسرحاً لها وأخذت من نفسه مأخذاً كبيراً وجعلته ينسى معنى الطبيعة وألوانها وجعلت من نسائه مكتسيات بالسواد كأنهن ظلام الليل، فيا ترى هل مازالت العراقيات يمتلكن نفس الحس السابق لاختيار الألوان أم إن الزمن والمحن التي مر بها البلد القت بظلالها على العراقيات؟ وهل إن شرائح المجتمع العراقي وطبقاته وخصوصاً المتمدنة تكون على هذه الحالة أيضاً؟

تقول السيدة (أم أمير) وهي في العقد الرابع من عمرها وموظفة في دائرة حكومية: "أنا أحب الألوان الهادئة فهي تعبر عن الهدوء والصفاء مثل (الرمادي) وكذلك اللون الذي يعبر عن الذكاء والصحة مثل (الأركوازي) لسببين؛ الأول: هو ان هذه الألوان تناسب عمري كما اشعر بالراحة عند ارتدائها، والسبب الثاني إني لا أخاف على نفسي عندما ارتدي هذه الألوان وأخرج الى عملي أو الى السوق حيث إن الوضع الأمني المتردي الذي نعيشه في العراق يجعلني انظر الى نفسي والى بناتي ايضاً لمرات عدة قبل الخروج من البيت للخوف من الأختطاف أو ما شابه ذلك".

الحاجة (أم حسن)، أمرأة تجاوز عمرها الستين، تقول "لم أعد اعرف الألوان التي احبها، ولم ارتد أي لون غير الأسود منذ الحرب العراقية الايرانية وذلك لفقدي زوجي اثناء تلك الحرب بالاضافة الى اعدام ابني (حسن) الذي رحل وترك ثلاثة اطفال، بالاضافة الى ذلك فقبل سنتين قتل اخي (مصطفى) في حادث ارهابي على طريق بغداد، ومنذ ذلك الوقت وأنا من مصيبة الى أخرى ولم اضع على جسدي غير الأسود".

وتضيف: "فنحن عائلة ملتزمة جداً ونلبس السواد عادة على فقد الحبيب ليس أقل من سنة، ودائماً لا تنقضي هذه السنة حتى نصاب بفقد عزيز آخر وهكذا اصبح الأسود اللون المفضل لدينا".

(س. ح) طالبة في كلية الهندسة / جامعة بابل، تقول: "احب اللون الأخضر لأنه لون السلامة ويعطي الشعور بالأمان ويوحي بالجمال والنعيم فعيني تطمئن عندما انظر اليه وجوارحي تسكن اليه تبعاً لذلك فهو من نعيم الجنة وهو مرتبط بالطبيعة التي نميل اليها كثيراَ كما انه ذكر في القرآن الكريم (سندس خضر وعبقري حسان)، كما اني احب ارتداء اللون الأصفر فكما يقال إنه لون الاباء والكبرياء وليس لون الغرور كما هو شائع".

وتتابع: "ولكن .. لا استطيع ان امتع نفسي بارتداء كل هذه الالوان، فالأخضر لا توجد فيه مشكلة كبيرة، ولكن بالنسبة الى الأصفر فمسموح لي بالنظر اليه في المحلات فقط لأنه خط احمر لا يمكن تجاوزه لأن والدي يقول لي بالحرف الواحد: أنا اقبل أن ترتدي كل ما تحبين من ملابس فأنا رجل متحرر، ولكن المشكلة في أبناء خالك الساكنين بجوارنا وهم متعصبين الى درجة كبيرة وقد يعملون لنا مشكلة كبيرة، حيث انهم يتذرعون بأنك تجذبين نظر الشباب وهو ما يعتبروه انتقاص منهم".

أما زميلتها (ن. ح) فأعربت عن رأيها بالقول: "أنا كذلك احب الالوان الزاهية مثل الأصفر أو الوردي أو البرتقالي ولكننا نخاف من العصابات الاجرامية التي اصبحت تمارس الاختطاف مقابل فدية او ما شابه، وعند ارتدائي لهكذا الوان فقد اجذب نظرهم وافتح اعينهم عليّ، بالاضافة الى ذلك فأنا ومنذ الصغر تطبعت على عدم التفكير بهكذا الوان (طبعاً عند الخروج من المنزل وليس في البيت) فوالدتي قد (صمت) اذني بهكذا كلمات (عيب، حرام، احنة قابل ساكنين ببغداد، ماذا يقول الناس عنّا، ...)!!!!".

المعلمة (م. س) تقول: "أحب اللون الازرق فهو لون التفاؤل ويمتاز بتخفيف التوتر والعصبية، كما أحب اللون الأخضر الداكن (الزيتوني) اضافة الى الاسود الذي بنظري يعبر عن الوقار وليس الموت والحزن والخوف، كما اني استطيع ارتداء تلك الألوان دون أي حرج من عرف اجتماعي او خوف امني، فالظرف الذي نعيشه يحتم علينا ان نأقلم انفسنا مع الواقع، فما لذة أن اشتري فستان او (تنورة) أو (قميص) ذو لون رائع ولا استطيع ارتدائه أو عندما ارتديه يتملكني الخوف من الغد او حتى اللحظة التي اخرج فيها من المنزل".

وتتابع: "كما تعلمون بأننا مازلنا مجتمع قبلي والاعراف الاجتماعية هي التي تحكم بالاضافة الى العامل الجديد الذي اضاف علينا عبئاً وهو الارهاب وانتشار المجرمين، فيجب من وجهة نظري طبعاً ان لا نستفز الآخرين ونهيج مشاعرهم ونحافظ على انفسنا من كل مكروه متوقع على الأقل في هذه المرحلة التي نعيشها".

الطالبة (ب. س) من معهد (أبي غرق) الفني تقول: "أنا افرغ شحنات الرغبة التي لدي بأرتداء الألوان ليس عبر محلات الملابس والأقمشة بل من خلال المكتبات ومحلات بيع القرطاسية حيث إني اشتري أقلامي بألوان مختلفة وأستخدمها في كتابة محاضراتي اليومي حيث إن دفاتري اصبحت وكأنها الوان قوس قزح من كثرة ما استخدم من ألوان، وبذلك ارحت نفسي من مشاكل الالوان والأهل والشارع".

هذه نبذة مختصرة عن طبيعة الألوان التي ترتديها المرأة العراقية وكل حسب ذوقها ورؤيتها للون الذي تحبه أو تلبسه، من جهته يقول الدكتور فؤاد اسعد الخبير العربي في جامعة هارفارد الاميركية: السبب في أن كل امرء تطمئن نفسه الى لون معين يعود الى ما تتركه هذه الألوان من أثر في أعصاب العين وكذلك تؤثر الألوان في نفسية الإنسان وتكشف عن طبيعته وإن الالوان الدافئة والفاقعة الأضواء والصارخة تفضي الى ارتفاع في الضغط الدموي اضافة الى ذلك فإن للالوان تأثير مباشر على المزاج، فهناك ألوان تنعش وأخرى تحبط.

أما رأي علماء النفس فهو: إن طريقة الإقبال على اختيار الملابس سواء في الخطوط أو الالوان تكشف عن شخصية ومشاعر صاحبها حيث ان المرأة يمكنها ان تتحدث من دون ان تنطق وذلك بما ترسله من رسائل من خلال ملابسها ومظهرها الخارجي. 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com