طفولتنا بين المراجيح ومشاريع التفخيخ

 

مؤلم حد النخاع والعظم عندما نقارن بين طفولتنا العراقية وطفولة الاخرين في اي مكان على وجه الارض.

ومؤلم حد النخاع والعظم اني لن اقارن اليوم بينهما، لانه لا يوجد عناصر مشتركة بين الاثنين تمكنني من مجرد المحاولة.

سأسرد بعض مفردات الطفل العراقي في شيء من يومياته، وخاصة الصيفية منها!!

*** نجد في كل حارة وزقاق اولادنا يتقاذفون الكرة لتتقاذفها معهم الاتربة وربما الاوحال ايضا ... تحت اشعة الشمس المحرقة (لاادري لماذا تشرق الشمس هنا عموديا اكثر منها في اي مكان آخر؟!)، ويتقاذفون النكات وربما الشتائم ايضا ... يبنون بالرمل والطين احلاما، ذلك الرمل والطين الذي يختزن في اعماقه ثرواتهم... ويحكي احدهم للاخر ما يمكن ان ينبضه قلبه الصغير من أماني الحب والطموح لما يمكن ان يأتي في الغد.... وفي خاتمة اليوم تأتي لحظة تفخيخ لتريح الاطفال من عناء الرمل والوحل والطين وعناء التفكير في كيف يمكن ان يحققوا تلك الاحلام وتلك الاماني!!

*** يتابع صغارنا برامج سبيستون وغيرها من فضائيات الاطفال في الساعات القليلة والنادرة لوجود التيار الكهربائي، فيضطر الواحد فينا الى الاستدانة احيانا ليشتري مولدة بيتية او عاكسة خاصة بعد ارتفاع اسعار الاشتراكات لمولدات الشارع (اعتذر لو تعذر على بعضهم فهم هذه المفردات لانها عراقية خالصة)، بسبب قلة الوقود او ربما قلة قيمة الانسان... المهم ان نوفر ساعات من التيار الكهربائي لفلذة اكبادنا كي تسحرهم تلك الشاشة الصغيرة السحرية، تسحر عقولهم وقلوبهم الصغيرة قبل ان تسحر اعينهم، فيجدوا انفسهم امام واقع غريب وجميل يتمتع به الاخرون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم والوانهم واوطانهم ويحرمون هم منه!! فيا ترى هل احسنا صنعا بوضعهم في ذلك الموقف النفسي المحبط؟ هل نطالب فضائيات العالم بان تتعاطف مع الطفل العراقي فتعرض برامجها باللون الاسود والابيض وتعود الى الفن الصامت، بل حتى تمتنع عن عرض افلام توم وجيري لان بيت جيري الجميل يبعث الحسرة في قلوبهم الصغيرة المتعبة؟!

ام نقتنع بالساعات النادرة من التيار الكهربائي ونعتذر لصغارنا عن شراء مولدة او عاكسة؟!

*** عندما يتساءل الصغير فينا عن المراجيح، وعن الحديقة، وعن مدينة الالعاب، وعن سفرة الى اقاربه في مكان آخر، وعن حقه في اللعب والاستمتاع والبراءة... لا يجد غير اجابة واحدة احتار فيها : غدا عندما تتحسن الاوضاع؟ متى يأتي هذا الغد؟ حقا؟ يا سيادة رئيس الجمهورية المحترم... هل طفل كردستان يسأل هكذا اسئلة محيرة كطفلنا؟ حقا؟ يا سيادة رئيس الوزراء المحترم... متى يأتي الغد الامن لكي نتمكن من وضع مراجيح ولو خشبية لاطفال حارتنا الموحلة اقدامهم برمال الاحلام؟! مراجيح يصنعها نجار المحلة، ندفنها في الارض الرملية بأيدينا فلن نتعب مديرية البلدية بأمور هامشية كهذه ... وهي مشغولة بجمع القمامات كل صباح ومساء من على قارعة الطريق الممتد ما بين البيت والمدرسة!

حقا؟ يا كل اعضاء البرلمان ... متى يأتي الغد الذي ندغدغ فيه مشاعر صغارنا، الغد المحفوف بالاحلام والامال والاماني، أم أن ذلك الغد لا يدخل ضمن شروط مصالحتكم الوطنية؟ حقا؟

يا اعضاء البرلمان من ابناء محافظتي... استطعتم تأمين الطرقات المؤدية الى بيوتكم... وبقيت مراجيح صغار الحي كأحلامهم مشاريع تفخيخ تنتظر التنفيذ!!

علياء الأنصاري

مديرة الموقع

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com