وجع من بلدي (2) .. يوميات عنف

 

عندما يملأ الرعب المساحة الممتدة بين الامل واليأس، تضطر الواحدة فينا الى (الانتحار) بالزواج من رجل غير كفوء.

وهذا ما فعلته (أ.ت) الشابة ذات الثلاث والعشرون عاما، عندما طردها اخوها في منتصف الليل لتنام عند الجيران لانها قررت اخيرا ان تعلن رفضها بعدم اعطاء راتبها الشهري له بعد الآن.

(أ.ت) كغيرها من الخريجات العاطلات عن العمل التحقت باحدى منظمات المجتمع المدني المحلية في محافظة بابل وتتقاضى راتبا شهريا مقداره 150000 دينار عراقي تقدمه لاسرتها وتحتفظ بما يكفيها اجور مواصلات!!

الاخ الاكبر التارك للدراسة والعاطل عن العمل ايضا، يعتمد عليها وعلى اختها الاصغر العاملة في معمل خياطة لتغطية نفقاته اليومية من كارتات موبايل وسجائر ولهو مع اصحابه في ظل دعم وحماية مطلقة من الوالدة التي تقول: (ماذا افعل له، ابني الكبير واخاف منه لا يمكنني ردعه)!!

وعندما واجهت تلك الوالدة بالعتب آنذاك كيف استطاعت ان تنام وابنتها خارج البيت قالت لي: (لا حيلة لي، لا يمكنني فعل شيء الامر بيد ابني).

وفي تلك الفترة المشحونة بالقهر والرعب بالنسبة الى (أ.ت)، ارتأت الام ان تزوجها في محاولة للخلاص من طغيان الاخ وربما من مشاكلهما، فقدمتها الى اول خاطب دون ان تتفحص في شخصيته او رجولته فالمهم ان تتزوج ابنتها وتستر عليها.

والرجل الذي ظنت الام انه سيستر ابنتها، كان اول المنتهكين لحقوقها وانسانيتها فكان يضربها لأتفه الاسباب!!

وفي مساء نفس اليوم الذي جاءت في صباحه (أ.ت) الى منزل ابيها معلنة عدم استطاعتها العيش مع هذا الرجل، عادت اليه بنصيحة من والدتها: (عودي الى بيت زوجك ماذا يقول الناس عنا؟ لا استطيع تحمل اخيك الكبير؟ هذه قسمتك ونصيبك وعليك الصبر)!!

صبرت (أ.ت) عاما كاملا وضعت خلاله صبيا صغيرا ولكنه مريض، لتعود به بعد حين الى بيت والدها مطلقة بعد ان فقدت عملها وكرامتها وشيئا كبيرا من انوثتها وانسانيتها!!

ومازالت القصة مستمرة مع اخيها ووالدتها واقاويل الناس.

يا ترى كم (أ.ت) يضم مجتمعنا البدوي الافكار، الجاهلي السلوك، الذكوري السطوة؟!

والادهى من كل هذا هو مساندة المرأة للعنف والظلم الذكوري المسلط على المرأة الاخرى بغض النظر اذ كانت ابنة او اخت او زميلة او نظيرة في الخلق!

والد (أ.ت) الكبير في السن يعلن ان (امها هي التي اعطت لابنها الاكبر تلك السطوة من خلال تربيتها له كما هي التي زوجت ابنتي دون موافقتي لانها ارادت الخلاص من مشاكلها).

 ما أبشع ثقافتنا القائمة على العنف المقنن والمشرعن والمؤيد من قبل اصحاب القرار ومؤسسات التنمية واهمها الاسرة.

علياء الأنصاري

مديرة المنظمة

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org