كي لا يصدأ فأس إبراهيم فينا؟!

علياء الأنصاري

مديرة المنظمة

كانت جدتي تعتبر نيسان من أشهر الخير!

فيه ترتدي الطبيعة حلتها الربيعية الزاهية بالأمل، فيه مطر (نيسان)، حيث تجمعه ورفيقاتها في طنجرة ويقرأن عليه الدعاء والقرآن، ويوزعنه على الاقارب للشفاء والبركة!

ولم يكن يعلم أحد آنذاك، أن نيسان يخبأ لنا أحداثا، طالما خشينا ان نفكر في مجرد حدوثها ولو في المنام! فكان سقوط الدكتاتور في 9 نيسان، مطرا من نوع آخر، فيه شفاء ورحمة للعالمين.

في التاسع من نيسان، لم يتغير نظام الحكم فحسب، وأنما سقطت حقبة تأريخية وفكرية حكمت العراق بقبضة من حديد، ساهمت في صياغة شخصية الانسان العراقي وثقافته الصنمية، فأضحى كل واحد فينا يبحث عن صنم ليمجده ويتخذه إلها!

لم يكن مهما سقوط صنم الطاغية في ساحة الفردوس، بقدر ما كان مهما أن تسقط الصنمية في دواخلنا، فبعد 9 نيسان، أخذنا نبحث عن أصنام أخرى نمجدها ونصفق لها. وتلك هي الاشكالية الكبرى في شخصياتنا كشرقيين وكعراقيين، وربما هذا ما يدفع اصحاب السلطة الى تفعيل هذه الصنمية في سلوكياتنا بنسب متفاوتة وصور متباينة.

فمازلنا بعد ستة أعوام من سقوط الصنمية، تحاصرنا مفرداتها في الكثير من مفاصل الحياة سواء في أروقة البرلمان، أو مؤسسات الدولة ودوائرها، مؤسساتنا الدينية والثقافية والاجتماعية، تساعدها في ذلك وسائل الاعلام وجوقة من قادة الفكر والرأي، لنعبد اصناما مختلفة – حسب المذاهب والافكار والمعتقدات والمصالح –، لنستيقظ ذات صباح، فنجد أنفسنا نحن أيضا اصناما!

اعتقد ونحن نقرأ التاسع من نيسان، كمنعطف مهم في التغيير، لابد من وقفة مع الثقافة الابراهيمية، ربما نحن بحاجة الى دراسة تلك الفأس التي حطم بها شيخ الموحدين ابراهيم عليه السلام، آلهة قومه... في حركة فكرية أراد من خلالها أن يقدح تلك الشرارة في العقل البشري لينير دربه نحو التوحيد.

فما أحوجنا – ونحن نتحدث عن التغيير والديمقراطية وبناء العراق الجديد – أن نؤسس لمنظومة فكرية متطورة، قائمة على أسس العقل والانفتاح ومعرفة الذات، بعيدا عن كل مظاهر الجاهلية وصنميتها وثقافتها الاستبدادية القائمة على إلغاء الآخر مادامت المصالح هي التي تحكم!

اقترح ان يكون التاسع من نيسان، عيدا للتوحيد! على ان نتعاهد أن نحطم كل الاصنام التي صنعناها بأيدينا والتي صنعها لنا الآخرون، لنضمن لاجيالنا مستقبلا أفضل لا يضطرون فيه الى البحث عن فأس إبراهيم في أعماق التأريخ!!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org